من حبها والسعي لها لعمارة هذه الدار فيظهر الامر أولا في صورة التمني فإذا تكرر تبدل حسدا مستبطنا فإذا أديم عليه فاستقر في القلب سرى إلى مقام العمل والفعل الخارجي ثم إذا انضمت بعض هذه النفوس إلى بعض كان ذلك بلوى يفسد الأرض ويهلك الحرث والنسل.
ومن هنا يظهر أن النهي عن التمني نهي إرشادي يعود مصلحته إلى مصلحة حفظ الاحكام المشرعة المذكورة وليس بنهي مولوي.
وفي نسبة الفضل إلى فعل الله سبحانه والتعبير بقوله بعضكم على بعض إيقاظ لصفة الخضوع لأمر الله بإيمانهم به وغريزة الحب المثارة بالتنبه حتى يتنبه المفضل عليه أن المفضل بعض منه غير مبان.
قوله تعالى للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ذكر الراغب أن الاكتساب إنما يستعمل فيما استفاده الانسان لنفسه والكسب أعم مما كان لنفسه أو لغيره والبيان المتقدم ينتج أن يكون هذه الجملة مبينة للنهي السابق عن التمني وبمنزلة التعليل له أي لا تتمنوا ذلك فإن هذه المزية إنما وجدت عند من يختص بها لأنه اكتسبها بالنفسية التي له أو بعمل بدنه فإن الرجال إنما اختصوا بجواز اتخاذ أربع نسوة مثلا وحرم ذلك على النساء لان موقعهم في المجتمع الانساني موقع يستدعي ذلك دون موقع النساء وخصوا في الميراث بمثل حظ الأنثيين لذلك أيضا وكذلك النساء خصصن بنصف سهم الرجال وجعل نفقتهن على الرجال وخصصن بالمهر لاستدعاء موقعهن ذلك وكذلك ما اكتسبته إحدى الطائفتين من المال بتجارة أو طريق آخر هو الموجب للاختصاص وما الله يريد ظلما للعباد.
ومن هنا يظهر أن المراد بالاكتساب هو نوع من الحيازة والاختصاص أعم من أن يكون بعمل اختياري كالاكتساب بصنعة أو حرفة أو لا يكون بذلك لكنه ينتهي إلى تلبس صاحب الفضل بصفة توجب له ذلك كتلبس الانسان بذكورية أو أنوثية توجب له سهما ونصيبا كذا.
وأئمة اللغة وإن ذكروا في الكسب والاكتساب أنهما يختصان بما يحوزه الانسان