به أي فعله والفاحشة من الفحش وهو الشناعة فهي الطريقة الشنيعة وقد شاع استعمالها في الزنا وقد أطلقت في القرآن على اللواط أو عليه وعلى السحق معا في قوله تعالى إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين: العنكبوت - 28.
والظاهر أن المراد بها ههنا الزنا على ما ذكره جمهور المفسرين ورووا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر عند نزول آية الجلد - أن الجلد هو السبيل الذي جعله الله لهن إذا زنين ويشهد بذلك ظهور الآية في أن هذا الحكم سينسخ حيث يقول تعالى أو يجعل الله لهن سبيلا ولم ينقل أن السحق نسخ حده بشئ آخر ولا أن هذا الحد اجرى على أحد من اللاتي يأتينه وقوله أربعة منكم يشهد بأن العدد من الرجال.
قوله تعالى فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت إلى آخر الآية رتب الامساك وهو الحبس المخلد على الشهادة لا على أصل تحقق الفاحشة وإن علم به إذا لم يشهد عليه الشهود وهو من منن الله سبحانه على الأمة من حيث السماحة والاغماض.
والحكم هو الحبس الدائم بقرينة الغاية المذكورة في الكلام أعني قوله حتى يتوفاهن الموت غير أنه لم يعبر عنه بالحبس والسجن بل بالامساك لهن في البيوت وهذا أيضا من واضح التسهيل والسماحة بالاغماض وقوله حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا أي طريقا إلى التخلص من الامساك الدائم والنجاة منه.
وفي الترديد إشعار بأن من المرجو أن ينسخ هذا الحكم وهكذا كان فإن حكم الجلد نسخه فإن من الضروري أن الحكم الجاري على الزانيات في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمعمول به بعده بين المسلمين هو الجلد دون الامساك في البيوت فالآية على تقدير دلالتها على حكم الزانيات منسوخة بآية الجلد والسبيل المذكور فيها هو الجلد بلا ريب.
قوله تعالى واللذان يأتيانها منكم فآذوهما الآيتان متناسبتان مضمونا والضمير في قوله يأتيانها راجع إلى الفاحشة قطعا وهذا يؤيد كون الآيتين جميعا مسوقتين لبيان حكم الزنا وعلى ذلك فالآية الثانية متممة الحكم في الأولى فإن الأولى لم تتعرض إلا لما للنساء من الحكم و الثانية تبين الحكم فيهما معا وهو الايذاء فيتحصل من مجموع الآيتين حكم الزاني والزانية معا وهو إيذاؤهما وإمساك النساء في البيوت.