ويذكر ان في رواجه فساد الدنيا وهو من ملاحم القرآن الكريم، وقد كان جنينا أيام نزول القرآن فوضعته حامل الدنيا في هذه الأيام.
وإن شئت تصديق ما ذكرناه فتدبر فيما ذكره سبحانه في سورة الروم إذ قال:
" فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون إلى أن قال: فلت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون - إلى أن قال -: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبه الذين من قبل كان أكثرهم مشركين فأقم وجهك للدين القيم من قبل ان يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون الآيات " الروم - 30 - 43، وللآيات نظائر في سور هود ويونس والاسراء والأنبياء وغيرها تنبئ عن هذا الشأن، سيأتي بيانها إنشاء الله.
وبالجملة هذا هو السبب فيما يترائى من هذه الآيات أعني آيات الانفاق من الحث الشديد والتأكيد البالغ في أمره.
قوله تعالى: مثل الذين ينفقون في سبيل الله كمثل حبة " الخ "، المراد بسبيل الله كل أمر ينتهي إلى مرضاته سبحانه لغرض ديني فعل الفعل لأجله، فإن الكلمة في الآية مطلقة، وان كانت الآية مسبوقة بآيات ذكر فيها القتال في سبيل الله، وكانت كلمة، في سبيل الله، مقارنة للجهاد في غير واحد من الآيات، فإن ذلك لا يوجب التخصيص وهو ظاهر.
وقد ذكروا أن قوله تعالى: كمثل حبة أنبتت " الخ "، على تقدير قولنا كمثل من زرع حبة أنبتت " الخ " فإن الحبة المنبتة لسبع سنابل مثل المال الذي أنفق في سبيل