وقال تعالى: (فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين) النمل - 22، وكذا ما يذكر فيه من قول الله تعالى ووحيه إليهم كقوله تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون) النحل - 68.
وهناك ألفاظ أخر ربما استعمل في معنى القول والكلام أو ما يقرب من معناهما كالوحي، قال تعالى: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى الذين من قبلك " النساء - 163، والالهام، قال تعالى: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " الشمس - 8، والنبأ، قال تعالى: (قال نبأني العليم الخبير) التحريم - 3، والقص، قال تعالى:
(يقص الحق) الانعام - 57، والقول في جميع هذه الألفاظ من حيث حقيقة المعنى هو الذي قلناه في أول الكلام من لزوم تحقق أمر حقيقي معه يترتب عليه أثر القول وخاصته سواء علمنا بحقيقة هذا الامر الحقيقي المتحقق بالضرورة أو لم نعلم بحقيقته تفصيلا، وفي الوحي خاصة كلام سيأتي التعرض له في سورة الشورى انشاء الله.
واما اختصاص بعض الموارد ببعض هذه الألفاظ مع كون المعنى المشترك المذكور موجودا في الجميع كتسمية بعضها كلاما وبعضها قولا وبعضها وحيا مثلا لا غير فهو يدور مدار ظهور انطباق العناية اللفظية على المورد، فالقول يسمى كلاما نظرا إلى السبب الذي يفيد وقوع المعنى في الذهن ولذلك سمي هذا الفعل الإلهي في مورد بيان تفضيل الأنبياء وتشريفهم كلاما لان العناية هناك انما هو بالمخاطبة والتكليم، ويسمى قولا بالنظر إلى المعنى المقصود إلقائه وتفهيمه ولذلك سمي هذا الامر الإلهي في مورد القضاء والقدر والحكم والتشريع ونحو ذلك قولا كقوله تعالى: (قال الحق والحق أقول لأملأن) ص - 85، ويسمى وحيا بعناية كونه خفيا عن غير الأنبياء ولذلك عبر في موردهم عليهم السلام بالوحي كقوله: (انا أوحينا إليك كما أوحينا إلى الذين من قبلك الآية) النساء - 163.
الجهة الثانية: وهي البحث من جهة كيفية الاستعمال فقد عرفت ان مفردات اللغة انما انتقل الانسان إلى معانيها ووضع الألفاظ بحذائها واستعملها فيها في المحسوسات من الأمور الجسمانية ابتداءا ثم انتقل تدريجا إلى المعنويات، وهذا وان أوجب كون استعمال اللفظ الموضوع للمعنى المحسوس في المعنى المعقول استعمالا مجازيا ابتداءا لكنه سيعود حقيقة بعد استقرار الاستعمال وحصول التبادر، وكذلك ترقي الاجتماع وتقدم