السبب كسائر الأسباب والعلل على سنة الأسباب التي أرادها الله في عالم الصنع والايجاد، والله يفعل ما يريد.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا انفقوا " الخ "، معناه واضح وفي ذيل الآية دلالة على أن الاستنكاف عن الانفاق كفر وظلم.
(بحث روائي) في الكافي عن الباقر عليه السلام: في قوله تعالى: تلك الرسل فضلنا " الخ "، في هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر.
وفي تفسير العياشي عن اصبغ بن نباتة، قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمل فجاء رجل حتى وقف بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين كبر القوم وكبرنا، وهلل القوم وهللنا، وصلى القوم وصلينا، فعلى ما نقاتلهم؟!
فقال عليه السلام: على هذه الآية " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم - فنحن الذين من بعدهم - ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد " فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا فقال الرجل: كفر القوم ورب الكعبة ثم حمل فقاتل حتى قتل - رحمه الله -.
أقول: وروي هذه القصة المفيد والشيخ في أماليهما والقمي في تفسيره، والرواية تدل على أنه عليه السلام أخذ الكفر في الآية بالمعنى الأعم من الكفر الخاص المصطلح الذي له أحكام خاصة في الدين، فإن النقل المستفيض وكذا التاريخ يشهدان انه عليه السلام ما كان يعامل مع مخالفيه من أصحاب الجمل وأصحاب صفين والخوارج معاملة الكفار من غير أهل الكتاب ولا معاملة أهل الكتاب ولا معاملة أهل الردة من الدين، فليس إلا أنه عدهم كافرين على الباطن دون الظاهر، وقد كان عليه السلام يقول: أقاتلهم على التأويل دون التنزيل.
وظاهر الآية يساعد هذا المعنى، فإنه يدل على أن البينات التي جاءت بها الرسل لم تنفع في رفع الاقتتال من الذين من بعدهم لمكان الاختلاف المستند إليهم أنفسهم فوقوع