فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما) البقرة - 124، وقوله تعالى فيه (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) الشعراء - 84، وقوله تعالى في إدريس عليه السلام (ورفعناه كانا عليا) مريم - 57، وقوله تعالى في يوسف: (نرفع درجات من نشاء) يوسف - 76، وقوله في داود عليه السلام: (وآتينا داود زبورا) النساء - 163 إلى غير ذلك من مختصات الأنبياء.
وكذا قيل: إن المراد بالرسل في الآية هم الذين اختصوا بالذكر في سورة البقرة كإبراهيم وموسى وعيسى وعزير وأرميا وشموئيل وداود ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ذكر موسى وعيسى من بينهم وبقي الباقون، فالبعض المرفوع الدرجة هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنسبة إلى الباقين، وقيل: لما كان المراد بالرسل في الآية هم الذين ذكرهم الله قبيل الآية في القصة وهم موسى وداود وشموئيل ومحمد، وقد ذكر ما اختص به موسى من التكليم ثم ذكر رفع الدرجات وليس له إلا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن يوجه التصريح باسم عيسى على هذا القول: بأن يقال: أن الوجه فيه عدم سبق ذكره عليه السلام فيمن ذكر من الأنبياء في هذه الآيات.
والذي ينبغي أن يقال: أنه لا شك أن ما رفع الله به درجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقصود في الآية غير أنه لا وجه لتخصيص الآية به، ولا بمن ذكر في هذه الآيات أعني أرميا وشموئيل وداود ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا بمن ذكر في هذه السورة من الأنبياء فإن كل ذلك تحكم من غير وجه ظاهر، بل الظاهر من إطلاق الآية شمول الرسل لجميع الرسل عليهم السلام وشمول البعض في قوله تعالى: ورفع بعضهم درجات: لكل من أنعم الله عليه منهم برفع الدرجة.
وما قيل: أن الأسلوب يقتضي كون المراد به محمد صلى الله عليه وآله وسلم لان السياق في بيان العبرة للأمم التي تقتتل بعد رسلهم مع كون دينهم دينا واحدا، والموجود منهم اليهود والنصارى والمسلمون فالمناسب تخصيص رسلهم بالذكر، وقد ذكر منهم موسى وعيسى بالتفصيل في الآية، فتعين أن يكون البعض الباقي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم.
فيه: أن القرآن يقضي بكون جميع الرسل رسلا إلى جميع الناس، قال تعالى:
" لا نفرق بين أحد منهم " البقرة - 136، فإتيان الرسل جميعا بالآيات البينات كان