ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة: لولا هذه لامتناع الشئ لوجود غيره، يعني لولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة، ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا فيما أفضتم فيه: خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللؤم والجلد.
إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب (ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا) سهلا (وهو عند الله عظيم في الوزر واستجرار العذاب.
ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك. تعجب ممن يقول ذلك، فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه، أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه فاجرة، فإن فجورها تنفير عنه، بخلاف كفرها. هذا بهتان عظيم لعظمة المبهوت عليه.
يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين.
ويبين الله لكم الآيات الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب، كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم حكيم.
إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون. قال: (من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عز وجل: (ان الذين يحبون) الآية) (1).
وورد: إنه قيل له: الرجل من إخواني بلغني عنه الشئ الذي أكرهه، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال: (كذب سمعك وبصرك عن أخيك، وإن شهد عندك خمسون قسامة. وقال لك قولا فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به