وفى هذا الخطاب إيماء إلى أنه يجب على المخاطب عند الشروع في عظائم الأمور أن لا يهجم عليها فيعسر عليه مغبتها، فإن من نظر في العواقب أمن من المعاطب.
(وجدنا في كتاب بنى تميم * أحق الخيل بالركض المغار) في سورة البقرة عند قوله تعالى (ألم) فإن الحكاية أن تجئ بالقول بعد نقله على استبقاء صورته الأولى، يقال ركض فلان دابته: إذا ضرب جنبيها برجليه لتعدو، والمغار بالغين المعجمة من قولهم أغرت الحبل: إذا فتلته، ويروى بالمهملة واستدل عليه بما في البيت الذي قبله، وهو:
كأن حفيف منخره إذا ما * كتمن الربو كير مستعار وهو خطأ، والبيت لبشر بن أبي حازم الأسدي من قصيدته التي مطلعها:
ألا بان الخليط فلا يزار * وقلبك في الظعائن مستعار ومنها:
ولما أن رأينا الناس صاروا * أعادي ليس بينهم ائتمار مضت أسلافنا حتى حللنا * بأرض قد تحامتها نزار وبدلت الأباطح من نمير * سنابك يستثار بها الغبار وليس الحي حي بنى كليب * بمنجيهم وإن هربوا الفرار ومنها البيت، وبعده:
يضمر بالأصائل وهو نهد * أقب مقلص فيه اقورار كأن سراته والخيل شعث * غداة وجيفها مسد مغار وما يدريك ما فقري إليه * إذا ما القوم ولوا أو أغاروا ولا يغنى من الغمرات إلا * نواكاء القال أو الفرار عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار * ماذا تحيون من نؤى وأحجار لقد رآني ونعمى لاهين بها * والدهر والعيش لم يهمم بأمرار (نبئت نعمى على الهجران عاتبة * سقيا ورعيا لذاك العاتب الزارى) هو للذبياني. عند قوله تعالى في سورة البقرة (ذلك الكتاب) حيث أشير باسم الإشارة إلى جنس الواقع صفه تقول ذلك الإنسان أو الشخص فعل كذا. والمعنى: أن نعمى عاتبة على الهجران عائبة له، سقيا ورعيا لذلك الشخص العاتب الزاري على الهجران: أي العائب، والعوج عطف رأس البعير بالزمام، ونعم اسم المحبوبة. والدمية:
ما تلبد من البعر والقمامة، وربما نبت فيها النبات، وفسر قول النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم وخضراء الدمن " بالمرأة الحسناء في المنبت السوء. والنؤى: الحاجز حول الخباء لئلا يدخله ماء المطر. ولم يهمم من هم بالشئ:
إذا أراده، بإمرار: بإعطاء الميرة، وسقيا ورعيا منصوبان على المصدر: أي سقاها الله ورعاها سقيا ورعيا، والزراري من زرى عليه إذا عابه.
(ختم الإله على لسان عذافر * ختما فليس على الكلام بقادر)