إذا قلت هذا حين أصحو يهيجني * نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر ومنها:
هجرتك حي قيل لا يعرف الهوى * وزرتك حتى قيل ليس له صبر صدقت أنا الصب المصاب الذي به * تباريح حب خامر القلب أو سحر فيا حبذا الأحياء ما دمت حية * ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر تكاد يدي تندى إذا ما لمستها * وتنبت في أطرافها الورق الخضر فيا هجر ليلى قد بلغت بنا المدى) وزدت على ما لم يكن يبلغ الهجر فليست عشيات الحمى برواجع * لنا أبدا ما أورق السلم النضر (أخذت بالجمة رأسا أزعرا * وبالثنايا الواضحات الدردرا وبالطويل العمر عمرا حيدرا * كما اشترى المسلم إذ تنصرا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (اشتروا الضلالة بالهدى) ومعنى البيت أن حالي في الاستبدال كحال مسلم استبدل بالإسلام النصرانية واختارها عليه والألف واللام في المسلم إذ تنصر للعهد كما في قوله (فعصى فرعون الرسول) والمراد بالمسلم الذي تنصر جبلة بن الأيهم وكان على دين النصرانية، فقدم مكة في أحسن زي وأسلم وطاف بالكعبة، فوطئ رجل محرم إزاره، فلطمه جبلة، فشكا الرجل إلى عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فحكم أن يقتص باللطمة، فسأله جبلة أن يؤخره إلى الغد وسار ليلا ولحق بالروم وتنصر وندم على ما فعل وقال:
تنصرت بعد الحق عارا للطمة * ولم يك فيها لو صبرت لها ضرر وأدركني فيها لجاج حمية * فبعت لها العين الصحيحة بالعور فياليت أمي لم تلدني وليتني * صبرت على القول الذي قاله عمر ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة * وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة * أجالس قومي ذاهب السمع والبصر (ولما رأيت النسر عز ابن داية * وعشش في وكريه جاش له صدري) في سورة البقرة عند قوله تعالى (فما ربحت تجارتهم) فإنه لما ذكر الشراء أتبعه ما يشاكله ويوافيه ويكمله ويضم إليه تمثيلا لنارهم وتصويرا لحقيقتها. والمراد بالنسر: الشيب، وبالغراب: الشباب، وبالوكرين: الرأس واللحية:
ولما شبه الشيب بالنسر والشعر الناعم بالغراب أتبعه ذكر التعشيش والوكر.
(فأصممت عمرا وأعميته * عن الفخر والجود يوم الفخار) في سورة البقرة عند قوله تعالى (صم بكم عمى فهم لا يرجعون) معناه: فاخرت عمرا يوم الفخار فأصممته عن سماع مفاخرتي إذ لم يقدر على جوابي، وأعميته عن رؤية جوده، وفخره في مقابلة جودي وفخري. ومعنى أصممت عمرا من باب وجود الشئ على صفة: أي وجدته أصم.
(أسد على وفى الحروب نعامة * فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا كررت على غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر)