تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٨٧
(شمر وكن في أمور الدين مجتهدا * ولا تكن مثل عير قيد فانقادا) في سورة الزمر عند قوله تعالى (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) أي يكونوا نقادا في الدين مميزين بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل، فإذا اعترضهم أمران واجب وندب اختاروا الواجب، وكذلك المباح والندب حرصا على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثوابا وأن لا تكون في مذهبك كما قال القائل:
* ولا تكن من ثل عير قد فانقادا * (متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * تجد خير نار عندها خير موقد) في سورة الزخرف عند قوله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن) بضم الشين وفتحها، والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عيشي يعشى من باب تعب فهو أعشى والمرأة عشواء، وأصله الواو وإنما قلبت ياء لانكسار ما قبلها كرضى يرضى وعشا يعشو: أي تفاعل ذلك ونظر نظر العشى ولا آفة ببصره، كما قالوا إن عرج لمن به آفة العرج، وعرج: أي تعارج ومشى مشية العرجان من غير عرج.
قال الحطيئة: * متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * الخ. وهو من قصيدته الدالية المشهورة التي منها:
تزور امرأ يثرى على الحمد ماله * ومن يأت أثمان المحامد يحمد يرى البخل لا يبقى على المرء ماله * ويعلم أن المال غير مخلد كسوب ومتلاف إذا ما سألته * تهلل واهتز اهتزاز المهند وذاك امرؤ إن يعطك اليوم نائلا * بكفيه لم يمنعك من نائل الغد (كل حي مستكمل مدة العمر * ومود إذا انتهى أمده) في سورة الأحقاف عند قوله تعالى (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة). قال الزمخشري: فإن قلت: المراد بيان مدة الرضاع لا الفطام فكيف عبر عنه بالفصال؟ قلت: لما كان الرضاع يليه الفصال ويلابسه لأنه ينتهى به ويتم سمى فصالا كما سمى المدة بالأمد من قال: كل حي مستكمل الخ. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الحديد عند قوله تعالى (فطال عليهم الأمد) أراد بالأمد الأجل، وقرئ الأمد بالتشديد: أي الوقت الأطول.
(لقد سقتني رضابا غير ذي أسن * والمسك فت على ماء العناقيد) في سورة القتال عند قوله تعالى (من ماء غير آسن) الرضاب الريق، وترضب الرجل ريق المرأة: إذا ترشفها.
والفت: الكسر، وفتات الشئ دقاقه. يقول: إن المحبوبة سقتني رضابا غير متغير الطعم والرائحة كالخمر فت عليه المسك، ويقال أسن الماء وأجن: إذا تغير طعمه وريحه، ويقال في صدره أجن: أي حقد قال:
إذا كان في صدر ابن عمك أجنة * فلا تستردها سوف يبدو دفينها (فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا * فقد جعلت أشراط أوله تبدو) في سورة القتال عند قوله تعالى (فقد جاء أشراطها) والأشراط العاملات، يعنى علامات الصرم تظهر في أول الوصل كما قيل:
صرمت لودك بعد وصلك زينب * والدهر فيه تغير وتقلب
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست