تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٠٥
ومنها: إذا ما الغيم لم يمطر بلادا * فإن له على يدك اتكالا ولو أن الرياح تهب غربا * وقلت لها هلا هبت شمالا وأقسم لو غضبت على ثبير * لأزمع عن محلته ارتحالا يذيب الرعب منه كل عضب * فلولا الغمد يمسكه لسالا - وهى طويلة (أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل) في سورة الحديد عند قوله تعالى (لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ) عن الحسن لئلا يعلم بفتح اللام وسكون الياء، ورواه قطرب بكسر اللام. وقيل في توجيهها حذفت همزة أن وأدغمت نونها في لام لا فصار للا، ثم أبدلت من اللام المدغمة ياء كقولهم، ديوان وقيراط، ومن فتح اللام فعلى أن أصل لام الجر الفتح كما أنشد: أريد لأنسى ذكرها الخ، وحذفت الهمزة اعتباطا وأدغمت النون في اللام فاجتمع ثلاثة أميال فثقل النطق بها. فأبدل الوسط ياء تخفيفا فصار اللفظ ليلا كما ترى. ورفع الفعل لأن أن هي المخففة لا الناصبة، واسمها على ما تقرر ضمير الشأن، وفصل بينها بين الفعل الذي هو خبرها بحرف النفي.
(يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا) في سورة الحشر عند قوله تعالى (ومن يوق شح نفسه) الشح بالضم والكسر وقرئ بهما: اللؤم وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع كما قال: يمارس نفسا الخ. وأضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها. الكزازة:
اليبس والانقباض، ورجل كز اليدين: إذا كان بخيلا. الشاعر يصف رجلا بالبخل والشح المطاع، وأنه إذا هم يوما أن يسمح بمعروف قالت له نفسه مهلا فيطيعها ويمتنع عن الخير. وأين هذا من قول المتنبي:
إذا كان ما ينويه فعلا مضارعا * مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم (محمد تفد نفسك كل نفس * إذا ما خفت من أمر تبالا) في سورة الصف عند قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنوا) في قراءة زيد على حذف لام الأمر: أي لتؤمنوا وتجاهدوا كقوله: محمد تفد نفسك، والتقدير: لتفد نفسك، ولهذا كان الفعل مجزوما، وإنما حذفوها لكثرة الاستعمال. والتبال: الهلاك، وفى بعض الروايات: من أمر تبال. وعن بعضهم يحتمل أن يكون خبرا في معنى الأمر وحذفت الياء كما في (والليل إذا يسر) والجواب أنه في غير الفواصل والقوافي غير ثبت.
(ما زلت تحسب كل شئ بعدهم * خيلا تكر عليهم ورجالا) في سورة المنافقين عند قوله تعالى (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو) أي واقعة عليهم وضارة لهم لجبنهم وهلعهم وما في قلوبهم من الرعب إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة ظنوه إيقاعا بهم، ومنه أخذ الأخطل قوله: ما زلت تحسب الخ، وكما قيل * إذا رأى غير شئ ظنه رجلا * (وإن الذي قد عاش يا أم مالك * يموت ولم أزعمك عن ذاك معزلا) في سورة التغابن عند قوله تعالى (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) الزعم: ادعاء العلم، ومنه قوله
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست