تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٦٩
(قالت سليمى (1) اشتر لنا سويقا * وهات خبز البر أو دقيقا) هل أنت باعث دينار لحاجتنا * أو عبد رب أخا عون بن مخراق) هو لتأبط شرا، وقيل إنه لجرير الخطفي. في سورة الشعراء عند قوله تعالى (هل أنتم مجتمعون) استبطاء لهم في الإجتماع، والمراد منه استعجالهم واستحثاثهم، كما يقول الرجل لفلان هل أنت منطلق؟ إذا أراد أن يحركه ويحثه على الانطلاق، كأنما يخيل له أن الناس قد انطلقوا وهو واقف، ومنه قول تأبط شرا: هل أنت الخ. ودينار اسم رجل، وكذا عبد رب، ويجوز أن يكون أخا عون نصبا على الصفة لعبد رب لأنه اسم علم كعبد الله، ودينار مجرور في اللفظ ومنصوب في المعنى فلذلك عطف عليه عبد رب أو أخا عون منادى: أي يا أخا عون، يريد أن يعينه سريعا ولا يبطى تهييجا للمخاطب.
(وقوم على ذوي مرة * أراهم عدوا وكانوا صديقا) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) والعدو والصديق يجيئان في معنى الواحد والجماعة، قال: وقوم على ذوي مرة الخ، ومنه (وهم لكم عدو) تشبيها بالمصادر للموازنة كالقبول والوقود والحنين والصهيل وذوي مرة: أي مجادلة ومخاصمة وذلك من سنن العرب، ومنه (لا نفرق بين أحد منهم) والتفريق لا يكون إلا بين اثنين، والتقدير لا نفرق بينهم، ومنه (وإن كنتم جنبا فاطهروا)، وقوله (والملائكة بعد ذلك ظهير) وغير ذلك.
(تروح على آل المحلق جفنة * كجابية الشيخ العراقي تفهق) في سورة سبأ عند قوله تعالى (وجفان كالجواب) وهي الحياض الكبار لأن الماء يجبى فيها: أي يجمع، جعل الفعل لها مجازا وهي من الصفات الغالبة كالدابة، وتفهق من فهق الإناء كفرح امتلأ، ومنه الحديث " إنه قام إلى باب الجنة فانفهقت له " يريد انفتحت واتسعت، ومنه المتفيهق: المكثر من الكلام، قيل كان يقعد على الجفنة ألف رجل. والبيت للأعشى من قصيدته القافية المشهورة التي مدح بها المحلق وسير بذكره في بني عكاظ كما تقدم ذكر ذلك مفصلا، وهذه الجفنة هي إحدى الجفنات التي وقعت في شعر حسان بن ثابت في قوله:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى * وأسيافنا يقطرن من نجدة دما (فلما ردفنا من عمير وصحبه، تولوا سراعا والمنية تعنق) في سورة النمل عند قوله تعالى (ردف لكم) حيث زيدت اللام للتأكيد كالباء في (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) أو ضمن معنى فعل يتعدى باللام نحو: دنا لكم وأزف لكم، ومعناه تبعكم ولحقكم، يقال ردفته أردفه:
أركبته خلفي وهي دابة لا ترادف، ولا تقل لا تردف وقد عدى بمن قال: فلما ردفنا من عمير الخ: يعني دنونا من عمير، وتعنق من العنق: وهو السير السريع السهل، يقال دابة معناق ومعنق. يقول: لما دنونا من عمير وصحبه للمحاربة أدبروا مسرعين منهزمين والمنية تسرع خلفهم.
(ليث بعثر يصطاد الرجال إذا * ما الليث كذب عن أقرانه صدقا) .

(1) قوله (قالت سليمى) لم يكتب في الشواهد عليه، وذكره الكشاف في سورة النور عند قوله تعالى (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه) فتنبه كتبه مصححه
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست