(وإن جنحوا للسم فاجنح لها) والسلم بكسر السين وفتحها الصلح يذكر ويؤنث تأنيث نقيضها وهو الحرب، لأن الحرب المقاتلة والمنازلة ولفظها أنثى. يقال: قامت الحرب على ساق وقد تذكر ذهابا إلى معنى القتال، يقال حرب شديد وتصغيرها حريب والقياس بالهاء وإنما سقطت لئلا يلتبس بمصغر الحربة التي هي كالريح.
(إن الصنيعة لا تكون صنيعة * حتى يصاب بها طريق المصنع) فإذا صنعت صنيعة فاعمد بها * لله أو لذوي القرائب أو دع في سورة البقرة عند قوله تعالى (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين) يقول: إن صنائع المعروف لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها. قال صلى الله عليه وسلم " إذا أراد الله بعبد خيرا جعل صنائعه في أهل الحفاظ " وقوله أو لذوي القرائب، قال تعالى (وآتى المال على حبه) إلى آخر الآية، وما أحسن قول المتنبي:
ووضع الندى في موضع السيف للعدي * مضر كوضع السيف في موضع الندى (بني أسد هل تعلمون بلاءنا * إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (إلا أن تكون تجارة) أي إلا أن تكون التجارة تجارة حاضرة، وهو من أبيات الكتاب يخاطب بني أسد ويقول لهم: قد تعلمون مقاتلتنا يوم الحرب إذا كانت الحرب مظلمة ترى فيها الكواكب ظهرا لانسداد عين الشمس بغبار الحرب، والتقدير: إذا كان اليوم يوما. وأشنعا حال لا خبر لأن فيما تقدم من صفة الاسم ما يدل على الخبر فيصير الخبر لا يفيد زيادة معنى، فهو مما نزلت فيه الصفة منزلة جزء من الاسم.
(وخير الأمر ما استقبلت منه * وليس بأن تتبعه اتباعا) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن) يقال استقبل الأمر: إذا أخذ بأوله وعنوانه، ومنه المثل: خذ الأمر بقوابله: أي بأوله قبل أن يدبر فيفوت، وليس من الحزم أن تهمله حتى يفوت منك ثم تعدو خلفه وتتبعه بعد الفوت، ولله در القائل:
إذا فعلت جميلا وابتدأت به * فاجعل له حاجة المضطر ميقاتا فالغيث وهو حياة الأرض قاطبة * لا خير فيه إذا ما وقته فاتا ..........
فلأهدين مع الرياح قصيدة * مني محبرة مع القعقاع ترد المياه فلا تزال جداولا * في الناس بين تمثل وسماع) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس) كقوله من أبيات الكتاب:
فيوم علينا ويوم لنا * ويوم نساء ويوم نسر وفي أمثالهم: الحرب سجال. وعن أبي سفيان أنه صعد الجبل يوم أحد فمكث ساعة ثم قال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو بكر، وها أنا عمر.
فقال أبو سفيان: يوم بيوم والأيام دول والحرب سجال، فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فقال: إنكم تزعمون ذلك فقد خبنا إذا وخسرنا. والمداولة مثل المعاورة. قال: ترد المياه الخ. يقول: لأهدين إلى القعقاع قصيدة حسنة غراء متداولة بين الناس يتمثلون بها ويستمعونها وينشدونها. يقال في المثل: أسير من شعر، لأنه يرد الأندية ويلج الأخبية.