فعموا وصموا فيه حتى الساعة، ثم احتج عز وجل على النصارى في عيسى فقال:
(ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) يعني كانا يحدثان فكنى الله عن الحدث وكل من اكل الطعام يحدث.
ثم قال (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق) أي لا تقولوا ان عيسى هو الله وابن الله، وحدثني أبي قال حدثني هارون بن مسلم عن مسعدة ابن صدقة قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قوم من الشيعة يدخلون في اعمال السلطان ويعملون لهم ويحبونهم ويوالونهم، قال ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك ثم قرأ أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم - إلى قوله - ولكن كثيرا منهم فاسقون) قال الخنازير على لسان داود والقردة على لسان عيسى وقوله " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " قال كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر ويأتون النساء أيام حيضهن، ثم احتج الله على المؤمنين الموالين للكفار " وترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم - إلى قوله - ولكن كثيرا منهم فاسقون " فنهى الله عز وجل ان يوالي المؤمن الكافر إلا عند التقية واما قوله (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى) فإنه كان سبب نزولها انه لما اشتدت قريش في اذى رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه الذين آمنوا به بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان يخرجوا إلى الحبشة، وامر جعفر بن أبي طالب عليه السلام ان يخرج معهم، فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر، فلما بلغ قريش خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردوهم، وكان عمرو وعمارة متعاديين، فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية