الضرورية فيبقون من أبعد خلق الله عن النظر والتبصر، ومن ثمة كان صاحب الترجمة رحمه الله تعالى كبير التساهل في تسميع المترددين إليه كل ما بلغه من أجزاء أناس من المشبهة لا يتحملها أهل العلم منهم إلا لتسجيل بدعتهم عليهم ليرد عليهم المتبصرون من العلماء نحلتهم، وفي بعض تلك الأجزاء صريح نسبة القعود والجلوس والمكان والحد والحركة وغيرها إلى ربهم وهذا مما تقشعر جلود الذين يخشون الله من نسبته إليه تعالى عما يصفون. وإن كان بين هؤلاء من شهر بالرواية لكن لم يزالوا على عاميتهم لبعدهم عن أهل العلم وعدم ممارستهم النظر وتعودهم أن يعيشوا أمة وحدهم مغترين بكثرة الملازمين لهم لتحمل ما عندهم من الروايات ولم يستأصل الإسلام من عقولهم بعد شأفة نحلهم التي كانوا عليها قبل الإسلام... الخ كلامه رحمه الله تعالى أقول: ولفظ المرض والجوع أيضا وإن ورد في السنة الصحيحة مضافا لله تعالى فلا يصح عند أي مسلم عاقل اطلاقه على الباري سبحانه.
وفي الحديث الوارد فيه لفظ الجوع والمرض تعليم صريح لنا من الله تعالى ورسوله (ص) للتأويل في مثل هذه الألفاظ، والحديث رواه مسلم وهو حديث قدسي بلفظ: (يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين. قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما أنك لو عدته لوجدتني عنده...) الحديث ففيه إضافة المرض إليه ولا يصح حقيقة وصفه سبحانه بذلك لأنه مؤول بمرض عبده لأنه لا يمرض بل يستحيل هذا عليه عقلا ونقلا (وان ثبتت لفظة مرضت)، وهكذا كل لفظ موهم للنقص ما زال العلماء من السلف والخلف يصرفونه من أن يطلق صفة لله سبحانه فما بال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا فيرمون المسلمين بل علماء المسلمين بالتجهم والتعطيل زورا والعجب العجاب أنهم لا يرمون أمثال الدشتي الحنبلي صاحب كتاب (اثبات الحد لله عز وجل وأنه قاعد وجالس على عرشه) بالتجسيم والتشبيه، ولا يرمون الحافظ الجمال بن عبد الهادي الحنبلي بالتجسيم والتشبيه وهو