ومن تلك النصوص التي يستدنون بها على العلو الحسي قوله تعالى: * (تعرج الملائكة والروح إليه " أي تعرج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم وهو في السماء، لان السماء محل بره وكرامته، وهذا تماما كقول الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه السلام * (إني ذاهب إلى ربي) * أي إلى الموضع الذي أمرني به، أو إلى مفارقتكم للتفرغ لعبادة ربي وطاعته، وبمثل الذي قلناه قال القرطبي في تفسيره (18 / 218).
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (13 / 416):
(قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول، وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء.. ".
ومن تلك الآيات أيضا قوله تعالى: * (إني متوفيك ورافعك إلي) * ومعناها ورافعك إلى السماء الثانية، كما جاء في الصحيحين في حديث الاسراء أن رسول الله (ص) وجد سيدنا عيسى في السماء الثانية.
فيكون معنى الآية: إني رافعك إلى مكان لا يستطيعون أن يصلوا إليك فيه، ولا يعني أن سيدنا عيسى عليه السلام رفع إلى مكان فيه رب العالمين عند جميع العقلاء، كما لا يعني أنه الان عند الله حقيقة أو جالس مثلا بجنبه كما يتصور المجسمة تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وهذا تماما كقوله تعالى في الظل في سورة الفرقان: * (ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا) * فقوله * (إلينا) * لا يعني أن الظل في الليل يذهب عند الله وأن الله في مكان فليتيقظ أولوا الألباب، وليبتعدوا عمن يفهم القرآن بالعجمية والظواهر، وليفهمه بالعربية الفصحى وبأساليبها في