قلت: لو كان الله سبحانه كما يزعمون في المكان العدمي الذي يزعمونه فوق العرش لكان كاللوح المحفوظ الذي يشاركه أيضا في كونه فوق العرش والدليل القطعي وهو قوله تعالى * (ليس كمثله شئ) * ينفي هذا الامر نفيا واضحا قاطعا وكذا قوله تعالى * (ولم يكن له كفوا أحد) * كذلك ينفيه!! فلو كان الله يوصف بأنه منفصل عن العالم لكان له مشابه ومكافئ، وذلك أن كثيرا من الأجسام أيضا منفصلة عن أجسام أخرى كالشمس مثلا فإنها منفصلة عن الأرض ليست داخلها وبينهما مسافة محدودة؟ أي لها حد ومقدار؟ فكذلك لو تخيل المجسم أن الله تعالى منفصل عن العالم بائن عنه كما يقولون (1) لكان بينه وبين العالم مسافة فإذا انتهت هذه المسافة ابتدأ الجسم الاخر وهو جسم معبود المجسمة الذي يتخيلونه!! فلو غالط أحدهم ليهرب من هذه الورطة الباقعة قائلا هذه أمور لا يجوز لنا أن نخوض فيها ويجب أن نؤمن أنه خارج العالم منفصل عنه بلا كيف ولا تصور!!
قلنا له: هذه مغالطة واضحة!! وأنت بهذا القول تقول أتصوره بلا كيف ولا أتصوره!! وهذا تناقض فاضح!! فإما أن تتصوره وإما أن لا تتصوره!! ونراك تغالط في هذه المسائل فتارة تطالب بأن تكون المسألة المتعلقة بذات الله تعالى يمكن أن تعقل وتتصور، وتارة تطالب بان تكون غير معقولة!! مع أن كل ما يتعلق بتصور المولى سبحانه فهو متعال عن ذلك ومنزه عنه، إذ لا يمكن للعقول أن .