الذي أمر الله العباد بسلوكه والاستقامة عليه، وأمرهم بسؤال الهداية إليه، فمن استقام سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا ظاهرا وباطنا، استقام مشيه على ذلك الصراط المنصوب على متن جهنم، ومن لم يستقم سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا، بل انحرف عنه إما إلى فتنة الشبهات أو إلى فتنة الشهوات، كان اختطاف الكلاليب له على صراط جهنم بحسب اختطاف الشبهات والشهوات له على هذا الصراط المستقيم، كما في حديث أبي هريرة: " إنها تخطف الناس بأعمالهم ".
وروى الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله، في قوله تعالى:
(إن ربك لبالمرصاد) [الفجر: 14].
قال: من وراء الصراط ثلاثة جسور: جسر عليه الأمانة، وجسر عليه الرحم، وجسر عليه الرب تبارك وتعالى.
وقال أيفع بن عبد الكلاعي: لجهنم سبع قناطر، والصراط عليها، وذكر أنه يحبس الخلق عند القنطرة الأولى، فيسألون عن الصلاة، فيهلك من يهلك وينجو من ينجو، ويحبسون عند القنطرة الثانية، فيسألون عن الأمانة، هل أدوها أم أضاعوها؟ فيهلك من يهلك، وينجو من ينجو، ثم يحبسون عند الثالثة، فيسألون عن الرحم. وقد ذكرنا فيما تقدم غير حديث، في حبس الولاة على جسر جهنم، وتزلزل الجسر بهم.
وخرج أبو داود، من حديث معاذ بن أنس الجهني، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " من رمى مسلما بشيء يريد به تشيينه، حبسه الله على جسر جهنم، حتى يخرج مما قال ". وقد روي بلفظ آخر وهو " من قال في مؤمن ما لا يعلم، حبسه الله على جسر جهنم، حتى يخرج مما قال ".