وسلم: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ قال: " هم في الظلمة دون الجسر ". قال: فمن أول الناس إجازة؟ قال: " فقراء المهاجرين " وذكر الحديث. ويمكن الجمع بين الحديثين، بأن الظلمة دون الجسر حكمها حكم الجسر، وفيها تقسيم الأنوار للجواز على الجسر، فقد يقع تبديل الأرض والسماوات وطي السماء، من حين وقوع الناس في الظلمة، ويمتد ذلك إلى حال المرور على الصراط والله أعلم.
واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، ومشرك يعبد مع الله غيره، فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط، وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط، ويدل على ذلك ما في " الصحيحين " عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع الشمس من يعبدها، ويتبع القمر من يعبد القمر، ويتبع الطواغيت من يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها "، فذكر الحديث إلى أن قال: " ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه ".
وفيهما أيضا، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " إذا كان يوم القيامة، أذن مؤذن: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق غير من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب، فتدعى اليهود، فيقال: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار، كأنها سراب، يحطم بعضها بعضا،