وقال موسى بن عقبة، في " مغازيه ": زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إلى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فقال: والله ما بكيت جزعا من الموت ولا صبابة لكم، ولكني بكيت جزعا من قول الله عز وجل: (وإن منكم إلا واردها) فأيقنت أني واردها، فلا أدري أنجو منها أم لا.
وقال حفص بن حميد، عن شمر بن عطية: كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا قرأ هذه الآية يبكي، ويقول: رب، أنا ممن تنحي؟ أم ممن تذر فيها جثيا؟!
وروى أبو إسحاق عن أبي ميسرة أنه كان إذا أوى إلى فراشه، قال: يا ليت أمي لم تلدني، فقالت له امرأته: يا أبا ميسرة، إن الله قد أحسن إليك هداك للإسلام، قال: أجل، إن الله يبين لنا أنا واردوا النار، ولم يبين أنا صادرون منها.
وروينا من طريق سفيان بن حسين، عن الحسن، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا التقوا يقول الرجل منهم لصاحبه: هل أتاك أنك وارد النار، فيقول: نعم، فيقول: هل أتاك أنك خارج منها، فيقول: لا، فيقول: ففيم الضحك إذا؟
وقال ابن عينية عن رجل، عن الحسن: قال رجل لأخيه: يا أخي، هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم، قال: هل أتاك أنك خارج منها؟ قال، لا، قال:
ففيم الضحك إذا؟ قال: فما رؤي ضاحكا حتى مات.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله عز وجل: (وإن منكم إلا واردها) قال: قال رجل لأخيه: فقد جاءك عن الله أنك وارد جهنم؟ قال: نعم، قال: فأيقنت بالورود؟ قال: نعم، قال: فأيقنت وصدقت بذلك؟ قال: نعم، وكيف لا أصدق وقد قال الله عز وجل: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) قال: فأيقنت أنك صادر عنها؟ قال: والله ما أدري أأصدر عنها أم لا، قال: ففيم التثاقل؟ وفيم الضحك؟ وفيم اللعب؟