شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٤٨
(٤١٩) الأصل:
وقال عليه السلام:
لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، وبلاغة قولك على من سددك.
الشرح:
يقول لا شبهة أن الله تعالى هو الذي أنطقك، وسدد لفظك، وعلمك البيان كما قال سبحانه: ﴿خلق الانسان * علمه البيان﴾ (1)، فقبيح أن يجعل الانسان ذرب لسانه وفصاحة منطقه على من أنطقه وأقدره على العبادة، وقبيح أن يجعل الانسان بلاغة قوله، على من سدد قوله وجعله بليغا حسن التعبير على المعاني التي في نفسه، وهذا كمن ينعم على إنسان بسيف فإنه يقبح منه أن يقتله بذلك السيف ظلما قبحا زائدا على ما لو قتله بغير ذلك السيف، وما أحسن قول المتنبي في سيف الدولة:
ولما كسا كعبا ثيابا طغوا بها رمى كل ثوب من سنان بخارق (2) وما يوجع الحرمان من كف حازم كما يوجع الحرمان من كف رازق

(١) سورة الرحمن ٣، 4.
(2) ديوانه 2: 322.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست