شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٤٣
الرأي في الامر المشكل، ثم يضرب بعضها في بعض حتى يستخلص الرأي الأصوب.
كان يقال: هجين عاقل خير من هجان جاهل.
كان بعضهم إذا استشير قال لمشاوره: انظرني حتى أصقل عقلي بنومة.
إذا نزلت المقادير، نزلت التدابير. من نظر في المغاب، ظفر بالمحاب. من استدت عزائمه اشتدت دعائمه. الرأي السديد، أجدى من الأيد الشديد.
بعضهم:
وما ألف مطرور السنان مشدد * يعارض يوم الروع رأيا مسددا.
أبو الطيب:
الرأي قبل شجاعة الشجعان * هو أول وهي المحل الثاني (1) فإذا هما اجتمعا لنفس حرة * بلغت من العلياء كل مكان ولربما طعن الفتى أقرانه * بالرأي قبل تطاعن الاقران لولا العقول لكان أدنى ضيغم * أدنى إلى شرف من الانسان ولما تفاضلت النفوس ودبرت * أيدي الكماة عوالي المران.
ذكر المأمون ولد علي عليه السلام، فقال: خصوا بتدبير الآخرة، وحرموا تدبير الدنيا.
كان يقال: إذا كان الهوى مقهورا تحت يد العقل، والعقل مسلط عليه، صرفت مساوئ صاحبه إلى المحاسن، فعدت بلادته حلما، وحدته ذكاء، وحذره بلاغة، وعيه صمتا، وجبنه حذرا، وإسرافه جودا.

(1) ديوانه 4: 386.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست