شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢١٧
قال: لتوركي إياك، فقالت عليكم العبد فشدوا أيديكم به، ففعلوا.
قال: ومر قوم فاستخرجوا أمرا القيس من البئر، فرجع إلى حيه وساق مائة من الإبل، وأقبل إلى امرأته فقيل لها، قد جاء زوجك، فقالت: والله ما أدرى أزوجي هو أم لا!
ولكن انحروا له جزورا، وأطعموه من كرشها وذنبها، ففعلوا، فلما أتوه بذلك قال: وأين الكبد والسنام والملحاء (1)، وأبى أن يأكل، فقالت: اسقوه لبنا حازرا، فأتى به، فأبى إن يشربه، وقال: فأين الضريب (2) والرثيئة؟ فقالت: افرشوا له عند الفرث والدم، ففرشوا له فأبى أن ينام، وقال: افرشوا لي عند التلعة الحمراء، واضربوا لي عليها خباء، ثم أرسلت إليه: هلم شريطتي عليك في المسائل الثلاث، فأرسل إليها أن سلي عما شئت، فقالت: مم تختلج شفتاك؟ فقال: لشربي المشعشعات، قالت: فمم يختلج كشحاك؟ قال: للبسي الحبرات. قالت: فمم تختلج فخذاك؟ قال: لركضي المطهمات (3)، فقالت: هذا زوجي لعمري، فعليكم به. فأهديت إليه الجارية.
فقال ابن هبيرة: حسبكم، فلا خير في الحديث سائر الليلة بعد حديث أبي عمرو، ولن يأتينا أحد منكم بأعجب منه، فانصرفنا وأمر لي بجائزة.

(1) اللحاء: لحم في الصلب من الكاهل إلى العجز من البعير.
(2) والضريب: هو اللبن يحلب من عدة لقاح، وفى الأغاني: (الصريف). وهو الحلب الحار ساعة يصرف من الضرع، والرثيئة:
اللبن الحليب يصب عليه اللبن الحامض، فيروب من ساعته.
(3) المطهمات: الخيل التامة الحسن.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست