فاعلم أنك إنما تخبط العشواء، وتتورط الظلماء، وليس طالب الدين من خبط أو خلط، والامساك عن ذلك أمثل.
الشرح أمره أن يقتصر على القيام بالفرائض، وأن يأخذ بسنة السلف الصالح من آبائه وأهل بيته، فإنهم لم يقتصروا على التقليد، بل نظروا لأنفسهم، وتأملوا الأدلة، ثم رجعوا آخر الامر إلى الاخذ بما عرفوا، والامساك عما لم يكلفوا.
فإن قلت: من سلفه هؤلاء الذين أشار إليهم؟
قلت: المهاجرون الأولون من بني هاشم وبني المطلب كحمزة وجعفر والعباس وعبيدة ابن الحارث، وكأبي طالب في قول الشيعة وكثير من أصحابنا، وكعبد المطلب في قول الشيعة خاصة.
فإن قلت: فهل يكون أمير المؤمنين عليه السلام نفسه معدودا من جملة هؤلاء!
قلت: لا فإنه لم يكن من أهل المبادئ والجمل المقتصر بهم في تكليفهم العقليات على أوائل الأدلة، بل كان سيد أهل النظر كافة وإمامهم.
فإن قلت: ما معنى قوله: لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم؟
قلت: لأنهم إذا تأملوا الأدلة وفكروا فيها فقد نظروا لأنفسهم كما ينظر الانسان لنفسه ليخلصها من مضرة عظيمة سبيلها أن تقع به إن لم ينظر في الخلاص منها، وهذا هو الوجه في وجوب النظر في طريق معرفة الله، والخوف من إهمال النظر.
فإن قلت: ما معنى قوله: " إلى الاخذ بما عرفوا والامساك عما لم يكلفوا "؟