أمر شئ من الموجودات أصلا إلا الله تعالى ونفسه، وفوق هذه الطبقة طبقة أخرى جدا وهي ألا تفكر في شئ قط إلا في الله وحده، وفوق هذه الطبقة طبقة أخرى تجل عن الذكر والتفسير، ولا تصلح لأحد من المخلوقين إلا النادر الشاذ، وقد ذكرها هو فيما سبق، وهو ألا يفكر في شئ أصلا لا في المخلوق ولا في الخالق، لأنه قد قارب أن يتحد بالخالق، ويستغني عن الفكر فيه.
قوله: " وصرفني عن هواي " أي عن هواي وفكري في تدبير الخلافة وسياسة الرعية والقيام بما يقوم به الأئمة.
قوله عليه السلام: " وصرح لي محض أمري " يروى بنصب " محض " ورفعه، فمن نصب فتقديره: عن محض أمري، فلما حذف الجار نصب، ومن رفع جعله فاعلا. وصرح:
كشف أو انكشف.
قوله: " فأفضى بي إلى كذا "، ليس بمعنى أنه قد كان من قبل يمازج جده باللعب، بل المعنى أن همومه الأولى قد كانت بحيث يمكن أن يتخللها وقت راحة أو دعابة لا يخرج بها عن الحق، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يمزح ولا يقول إلا حقا، فالآن قد حدث عنده هم لا يمكن أن يتخلله من ذلك شئ أصلا، ومدار الفرق بين الحالتين - أعني الأولى والثانية على إمكان اللعب لا نفس اللعب وما يلزم من قوله: " أفضى لك بي هذا الهم " إلى انتفاء إمكان اللعب أن تكون همومه الأولى قد كان يمازجها اللعب، ولكن يلزم من ذلك أنها قد كانت يمكن ذلك فيها إمكانا محضا على أن اللعب غير منكر إذا لم يكن باطلا، أ لا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وآله: " المؤمن دعب لعب "، وكذلك القول في قوله:
" وصدق لا يشوبه كذب " أي لا يمكن أن يشوبه كذب، وليس المراد بالصدق والكذب ها هنا مفهومهما المشهورين بل هو من قولهم: صدقونا اللقاء، ومن قولهم: حمل عليهم فما كذب! قال زهير: