الأصل:
فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك، فليكن له تعبدك، وإليه رغبتك، ومنه شفقتك.
واعلم يا بنى أن أحدا لم ينبئ عن الله سبحانه كما أنبأ عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، فارض به رائدا، وإلى النجاة قائدا، فإني لم آلك نصيحة، وإنك لن تبلغ في النظر لنفسك، وإن اجتهدت مبلغ نظري لك.
الشرح:
عاد إلى أمره باتباع الرسول صلى الله عليه وآله، وأن يعتمد على السمع وما وردت به الشريعة ونطق به الكتاب، وقال له: إن أحدا لم يخبر عن الله تعالى كما أخبر عنه نبينا صلى الله عليه وآله، وصدق عليه السلام! فإن التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب أنبياء بني إسرائيل لم تتضمن من الأمور الإلهية ما تضمنه القرآن، وخصوصا في أمر المعاد، فإنه في أحد الكتابين مسكوت عنه، وفي الاخر مذكور ذكرا مضطربا، والذي كشف هذا القناع في هذا المعنى، وصرح بالامر هو القرآن. ثم ذكر له أنه أنصح له من كل أحد وأنه ليس يبلغ وإن اجتهد في النظر لنفسه ما يبلغه هو عليه السلام له، لشدة حبه له وإيثاره مصلحته. وقوله، " لم آلك نصحا " لم أقصر في نصحك، إلى الرجل في كذا يألو، أي قصر فهو آل والفعل لازم، ولكنه حذف اللام فوصل الفعل إلى الضمير فنسبه، وكان أصله: لا آلو لك نصحا، ونصحا منصوب على التمييز، وليس كما قاله الراوندي إن انتصابه على أنه مفعول ثان، فإنه إلى مفعول واحد لا يتعدى، فكيف إلى اثنين!