فيه وتنبيهك عليه أحب إلي من أن أتركك سدى مهملا، تتلاعب بك الشبه، وتعتورك الشكوك في أصول دينك، فربما أفضى ذلك بك إلى الهلكة.
فإن قلت: فلماذا كان كارها تنبيه ولده على ذلك، وأنتم تقولون أن معرفة الله واجبة على المكلفين، وليس يليق بأمير المؤمنين أن يكره ما أوجبه الله تعالى!
قلت: لعله علم إما من طريق وصية رسول الله صلى الله عليه وآله، أو من طريق معرفته بما يصلح أن يكون لطفا لولده، ومعرفته بما يكون مفسدة له، لكثرة التجربة له، وطول الممارسة لأخلاقه وطباعه أن الأصلح له ألا يخوض في علم الكلام الخوض الكلي وأن يقتنع بالمبادئ والجمل، فمصالح البشر تختلف، فرب إنسان مصلحته في أمر ذلك الامر بعينه مفسدة لغيره، ونحن وإن أوجبنا المعرفة فلم نوجب منها إلا الأمور المجملة، وأما التفصيلات الدقيقة الغامضة، فلا تجب إلا عند ورود الشبهة، فإذا لم تقع الشبهة في نفس المكلف لم يجب عليه الخوض في التفصيلات.
قوله عليه السلام: " قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم " العين مفتوحة والميم مكسورة مخففة، تقول: عمر الرجل يعمر عمرا وعمرا على غير قياس، لان قياس مصدره التحريك أي عاش زمانا طويلا، واستعمل في القسم أحدهما فقط، وهو المفتوح.
قوله عليه السلام: " حيث عناني من أمرك " أي أهمني، قال:
* عناني من صدودك ما عنا * قوله: " وأجمعت عليه " أي عزمت.
ومقتبل الدهر، يقال: اقتبل الغلام فهو مقتبل بالفتح وهو من الشواذ، ومثله أحصن الرجل إذا تزوج فهو محصن، وإذا عف فمحصن أيضا، وأسهب إذا أطال الحديث فهو مسهب، وألفج إذا افتقر فهو ملفج، وينبغي أن يكون له من قوله: " تنبيهك له " بمعنى