شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٥٦
ومن الشعر القديم الجيد في هذا المعنى قول سالم بن عونة الضبي:
لا يبعدن عصر الشباب ولا * لذاته ونباته النضر والمشرفات من الخدور كإيماض * الغمام يجوز بالقطر وطراد خيل مثلها التقتا * لحفيظة ومقاعد الخمر لولا أولئك ما حلفت متى * عوليت في خرج إلى قبري هربت زبيبة أن رأت ثرمي (1) * وأن انحنى لتقادم ظهري من بعد ما عهدت فأدلفني * يوم يمر وليلة تسري حتى كأني خاتل قنصا (2) * والمرء بعد تمامه يجري لا تهزئي منى زبيب فما * في ذاك من عجب ولا سخر أو لم ترى لقمان أهلكه * ما اقتات من سنة ومن شهر وبقاء نسر كلما انقرضت * أيامه عادت إلى نسر ما طال من أمد على لبد * رجعت محارته إلى قصر ولقد حلبت الدهر أشطره * وعلمت ما آتي من الامر أنا أستفصح قوله: " ما اقتات من سنة ومن شهر " جعل الزمان كالقوت له، ومن اقتات الشئ فقد أكله، والاكل سبب المرض، والمرض سبب الهلاك.

(1) الثرم: انكسار السن.
(2) المخاتلة: مشي الصياد قليلا قليلا في خفية لئلا يسمع حسه.
(3) في اللسان: " تزعم العرب أن لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إلى الحرم يستسقي لها، فلما أهلكوا خير لقمان بين بقاء سبع بقرات سمر، من أطب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر أو بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر خلف بعده نسر، فاختار النسور، فكان آخر نسوره يسمى لبدا، وقد ذكرته الشعراء، قال النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا * أخنى عليها الذي أخنى على لبد
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست