فأصلح مثواك، ولا تبع آخرتك بدنياك، ودع القول فيما لا تعرف والخطاب فيما لم تكلف، وامسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال.
الشرح:
قوله عليه السلام: " وأي سبب أوثق "، إشارة إلى القرآن لأنه هو المعبر عنه بقوله تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ (1).
ثم أتى بلفظتين متقابلتين، وذلك من لطيف الصنعة، فقال: " أحي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة "، والمراد إحياء دواعيه إلى الطاعة وإماتة الشهوات عنه.
قوله عليه السلام: " واعرض عليه أخبار الماضين " معنى قد تداوله الناس، قال الشاعر:
سل عن الماضين أن نطقت * عنهم الأجداث والترك أي دار للبلى نزلوا * وسبيل للردى سلكوا قوله عليه السلام: " ودع القول فيما لا تعرف " من قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعبد الله بن عمرو بن العاص: " يا عبد الله كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس، مرجت عهودهم وأماناتهم وصار الناس هكذا! " - وشبك بين أصابعه -، قال عبد الله:
فقلت: مرني يا رسول الله، فقال: خذ ما تعرف، ودع ما لا تعرف، وعليك بخويصة نفسك ".