إليك في أبن سرح، فأكثرت العجب منك، وعلمت أن لك رأيين أحدهما من أبي سفيان، والآخر من سمية، فأما الذي من أبي سفيان فحلم وحزم وأما الذي من سمية، فما يكون من رأى مثلها! من ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه، وتعرض له بالفسق، ولعمري إنك الأولى بالفسق من أبيه. فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك، فإن ذلك لا يضعك لو عقلت، وأما تسلطه عليك بالامر فحق لمثل الحسن أن يتسلط، وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك، فحظ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك. فإذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح وابن له داره، واردد عليه ماله، ولا تعرض له، فقد كتبت إلى الحسن أن يخيره، إن شاء أقام عنده، وأن شاء رجع إلى بلده، ولا سلطان لك عليه لأبيد ولا لسان. وأما كتابك إلى الحسن باسمه واسم أمه، ولا تنسبه إلى أبيه، فإن الحسن ويحك! من يرمى به الرجوان (1) وإلى أي أم وكلته لا أم لك! أما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك أفخر له لو كنت تعلمه (2) وتعقله! وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:
أما حسن فابن الذي كان قبله * إذا سار سار الموت حيث يسير وهل يلد الرئبال إلا نظيره * وذا حسن شبه له ونظير ولكنه لو يوزن الحلم والحجا * بأمر لقالوا يذبل وثبير.