وروى أحمد بن يحيى البلاذري قال: تكلم زياد - وهو غلام حدث - بحضرة عمر كلاما أعجب الحاضرين، فقال عمرو بن العاص: لله أبوه! لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان: أما والله إنه لقرشي، ولو عرفته لعرفت أنه خير من أهلك، فقال: ومن أبوه؟ قال: أنا والله وضعته في رحم أمه، فقال: فهلا تستلحقه؟ قال: أخاف هذا العير الجالس أن يخرق على إهابي.
وروى محمد بن عمر الواقدي قال: قال أبو سفيان وهو جالس عند عمر وعلى هناك وقد تكلم زياد فأحسن: أبت المناقب إلا أن تظهر في شمائل زياد، فقال علي عليه السلام من أي بنى عبد مناف هو؟ قال: ابني، قال: كيف؟ قال أتيت أمه في الجاهلية سفاحا! فقال علي عليه السلام: مه يا أبا سفيان فإن عمر إلى المساءة سريع: قال: فعرف زياد ما دار بينهما. فكانت في نفسه.
وروى علي بن محمد المدائني قال: لما كان زمن على ولى زيادا فارس أو بعض أعمال فارس، فضبطها ضبطا صالحا، وجبى خراجها وحماها، وعرف ذلك معاوية، فكتب إليه: أما بعد، فإنه غرتك قلاع تأوى إليها ليلا، كما تأوي الطير إلى وكرها، وأيم الله لولا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك منى ما قاله العبد الصالح:
(فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذله وهم صاغرون) (1).
وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:
تنسى أباك وقد شالت نعامته * إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر.
فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس، وقال: العجب من ابن آكلة الأكباد، ورأس النفاق! يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج سيدة نساء العالمين وأبو السبطين، وصاحب الولاية والمنزلة والإخاء في مائة الف