الشرح: يستزل لبك، يطلب زلله وخطأه، أي يحاول أن تزل. واللب: العقل. ويستفل غربك: يحاول أن يفل حدك، أي عزمك، وهذا من باب المجاز. ثم أمره أن يحذره، وقال: إنه - يعنى معاوية - كالشيطان يأتي المرء من كذا ومن كذا، وهو مأخوذ من قول الله تعالى: ﴿ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين﴾ (١)، قالوا في تفسيره: من بين أيديهم:
يطمعهم في العفو ويغريهم بالعصيان (٢)، ومن خلفهم: يذكرهم مخلفيهم، ويحسن لهم جمع المال وتركه لهم، وعن أيمانهم: يحبب إليهم الرياسة والثناء، وعن شمائلهم: يحبب إليهم اللهو واللذات.
وقال شقيق البلخي: ما من صباح الا قعد لي الشيطان على أربعة مراصد: من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، أما من بين يدي فيقول: لا تخف فإن الله غفور رحيم، فأقرأ: ﴿وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى﴾ (٣)، وأما من خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي، فأقرأ: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ (٤)، وأما من قبل يميني فيأتيني من جهة الثناء، فأقرأ: ﴿والعاقبة للمتقين﴾ (5)، وأما من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات، فأقرأ: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) (6). فإن قلت: لم لم يقل: (ومن فوقهم ومن تحتهم)؟