كقوله: (أشركتك في أمانتي، وجعلتك بطانتي وشعاري، وأنه لم يكن في أهلي رجل أوثق منك)، وقوله: (على ابن عمك قد كلب)، ثم قال ثانيا: (قلبت لابن عمك ظهر المجن) ثم قال ثالثا: (ولابن عمك آسيت)، وقوله: (لا أبا لغيرك)، وهذه كلمة لا تقال إلا لمثله، فأما غيره من أفناء الناس، فإن عليا عليه السلام كان يقول: لا أبا لك.
وقوله: (أيها المعدود كان عندنا من أولى الألباب). وقوله: (لو أن الحسن والحسين ع)، وهذا يدل على أن المكتوب إليه هذا الكتاب قريب من أن يجرى مجراهما عنده.
وقد روى أرباب هذا القول أن عبد الله بن عباس كتب إلى علي عليه السلام جوابا من هذا الكتاب، قالوا: وكان جوابه:
أما بعد، فقد أتاني كتابك تعظم على ما أصبت من بيت مال البصرة ولعمري إن حقي في بيت المال أكثر مما أخذت، والسلام:
قالوا: فكتب إليه علي عليه السلام: أما بعد، فإن من العجب ان تزين لك نفسك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل واحد من المسلمين، فقد أفلحت إن كان تمنيك الباطل، وادعاؤك ما لا يكون ينجيك من المأثم، ويحل لك المحرم، إنك لأنت المهتدي السعيد إذا! وقد بلغني أنك أتخذت مكة وطنا، وضربت بها عطنا. تشترى بها مولدات مكة والمدينة والطائف، تختارهن على عينك، وتعطى فيهن مال غيرك، فارجع هداك الله إلى رشدك وتب إلى الله، ربك واخرج إلى المسلمين من أموالهم، فعما قليل تفارق من ألفت وتترك ما جمعت، وتغيب في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد، قد فارقت الأحباب، وسكنت التراب، وواجهت الحساب، غنيا عما خلفت، فقيرا إلى ما قدمت، والسلام.