لقبه به، فقيل: لقبه به رسول الله صلى الله عليه وآله، والصحيح أنه لقبه به أبو بكر، لقتاله أهل الردة وقتله مسيلمة.
والظبة، بالتخفيف: حد السيف. والنابي من السيوف: الذي لا يقطع، وأصله نبا أي ارتفع، فلما لم يقطع كان مرتفعا، فسمى نابيا، وفى الكلام حذف تقديره ولا ناب ضارب الضريبة، وضارب الضريب هو حد السيف، فأما الضريبة نفسها فهو الشئ المضروب بالسيف، وإنما دخلته الهاء وإن كان بمعنى (مفعول) لأنه صار في عداد الأسماء، كالنطيحة والأكيلة.
ثم أمرهم بأن يطيعوه في جميع ما يأمرهم به من الاقدام والإحجام وقال: إنه لا يقدم ولا يؤخر إلا عن أمري، وهذا إن كان قاله مع أنه قد سنح له أن يعمل برأيه في أمور الحرب من غير مراجعته فهو عظيم جدا، لأنه يكون قد أقامه مقام. نفسه. وجاز أن يقول: إنه لا يفعل شيئا إلا عن أمري. وأن كان لا يراجعه في الجزئيات على عاده العرب في مثل ذلك، لأنهم يقولون فيمن يثقون به نحو ذلك، وقد ذهب كثير من الأصوليين إلى أن الله تعالى قال لمحمد صلى الله عليه وآله: احكم بما شئت في الشريعة، فإنك لا تحكم إلا بالحق، وأنه كان يحكم من غير مراجعته لجبرائيل، وإن الله تعالى قد قال في حقه: ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو الا وحى يوحى﴾ (1)، وإن كان عليه السلام قال هذا القول عن الأشتر، لأنه قد قرر معه بينه وبينه ألا يعمل شيئا قليلا ولا كثيرا إلا بعد مراجعته فيجوز، ولكن هذا بعيد، لان المسافة طويلة بين العراق ومصر، وكانت الأمور هناك تقف وتفسد.
ثم ذكر أنه آثرهم به على نفسه، وهكذا قال عمر لما أنفذ عبد الله بن مسعود إلى الكوفة في كتابه إليهم: قد آثرتكم به على نفسي، وذلك أن عمر كان يستفتيه في الاحكام، وعلي عليه السلام كان يصول على الأعداء بالأشتر، ويقوى أنفس جيوشه بمقامه بينهم، فلما بعثه إلى مصر كان مؤثرا لأهل مصر به على نفسه.