وفى الحديث المرفوع: (من ولى لنا عملا فليتزوج، وليتخذ مسكنا ومركبا وخادما، فمن اتخذ سوى ذلك جاء يوم القيامة عادلا غالا سارقا) وقال عمر في وصيته لابن مسعود: إياك والهدية، وليست بحرام، ولكني أخاف عليك الدالة.
وأهدى رجل لعمر فخذ جزور فقبله، ثم ارتفع إليه بعد أيام مع خصم له، فجعل في أثناء الكلام يقول: يا أمير المؤمنين، أفصل القضاء بيني وبينه كما يفصل فخذ الجزور.
فقضى عمر عليه، ثم قام فخطب الناس، وحرم الهدايا على الولاة والقضاة.
وأهدى إنسان إلى المغيرة سراجا من شبه، وأهدى آخر إليه بغلا، ثم اتفقت لهما خصومة في أمر فترافعا إليه، فجعل صاحب السراج يقول: إن أمري أضوء من السراج، فلما أكثر قال المغيرة ويحك، إن البغل يرمح السراج فيكسره.
ومر عمر ببناء يبنى بآجر وجص لبعض عماله فقال: أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها. وروى هذا الكلام عن علي عليه السلام، وكان عمر يقول: على كل عامل أمينان: الماء والطين.
ولما قدم أبو هريرة من البحرين قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله تعالى؟ قال أبو هريرة: لست بعدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، ولم أسرق مال الله. فضربه بجريدة على رأسه، ثم ثناه بالدرة، وأغرمه عشرة آلاف درهم، ثم أحضره، فقال: يا أبا هريرة، من أين لك عشره آلاف درهم؟ قال:
خيلي تناسلت، وعطائي تلاحق وسهامي تتابعت، قال عمر: كلا والله. ثم تركه أياما، ثم قال له: ألا تعمل؟ قال: لا، قال: قد عمل من هو خير منك يا أبا هريرة، قال:
من هو؟ قال: يوسف الصديق، فقال أبو هريرة أن يوسف عمل لمن لم يضرب رأسه