شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ١٦١
أما مهتوك ستره، فإنه كان كثير الهزل والخلاعة، صاحب جلساء وسمار ومعاوية لم يتوقر، ولم يلزم قانون الرياسة إلا منذ خرج على أمير المؤمنين، واحتاج إلى الناموس والسكينة وإلا فقد كان في أيام عثمان شديد التهتك، موسوما بكل قبيح، وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلا خوفا منه، إلا أنه كان يلبس الحرير والديباج، ويشرب في آنية الذهب والفضة، ويركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها، وعليها جلال الديباج والوشي، وكان حينئذ شابا، وعنده نزق الصبا، وأثر الشبيبة وسكر السلطان والإمرة، ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيام عثمان في الشام، وأما بعد وفاة أمير المؤمنين واستقرار الامر له فقد اختلف فيه، فقيل: أنه شرب الخمر في ستر، وقيل: إنه لم يشربه ولا خلاف في أنه سمع الغناء وطرب عليه، وأعطى ووصل عليه أيضا.
وروى أبو الفرج الأصفهاني قال: قال عمرو بن العاص لمعاوية في قدمة قدمها إلى المدينة أيام خلافته: قم بنا إلى هذا الذي قد هدم شرفه، وهتك ستره، عبد الله بن جعفر، نقف على بابه، فنسمع غناء جواريه، فقاما ليلا ومعهما وردان غلام عمرو، ووقفا بباب عبد الله بن جعفر، فاستمعا الغناء وأحس عبد الله بوقوفهما، ففتح الباب، وعزم على معاوية أن يدخل، فدخل، فجلس على سرير عبد الله، فدعا عبد الله له وقدم إليه يسيرا من طعام، فأكل، فلما أنس قال: يا أمير المؤمنين، ألا تأذن لجواريك أن يتممن أصواتهن، فإنك قطعتها عليهن؟ قال: فليقلن، فرفعن أصواتهن، وجعل معاوية يتحرك قليلا قليلا حتى ضرب برجله السرير ضربا شديدا، فقال عمرو: قم أيها الرجل فإن الرجل الذي جئت لتلحاه أو لتعجب من أمرء أحسن حالا منك. فقال: مهلا. فإن الكريم طروب.
* * *
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268