فقالوا له: أد إلى هذا حقه، فأد إليه حقه، فمكثوا كذلك دهرا لا يظلم أحد بمكة إلا أخذوا له حقه، فكان عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يقول: لو أن رجلا وحده خرج من قومه لخرجت من عبد شمس، حتى أدخل في حلف الفضول.
قال الزبير: وحدثني محمد بن حسن، عن محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عن أبيه، أن الحلف كان على ألا يدعوا بمكة كلها ولا في الأحابيش مظلوما يدعوهم إلى نصرته إلا أنجدوه حتى يردوا عليه ماله ومظلمته، أو يبلوا في ذلك عذرا، وعلى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعلى التأسي في المعاش.
قال الزبير: ويقال: إنه إنما سمي حلف الفضول لان رجالا كانوا في وجوههم تحالفوا على رد المظالم، يقال لهم فضيل وفضال وفضل ومفضل، فسمي هذا الحلف حلف الفضول، لأنه أحيا تلك السنة التي كانت ماتت.
قال الزبير: وقدم محمد بن جبير بن مطعم على عبد الملك بن مروان - وكان من علماء قريش - فقال له: يا أبا سعيد، ألم نكن - يعني بني عبد شمس -، وأنتم في حلف الفضول؟
فقال: أمير المؤمنين أعلم، قال: لتخبرني بالحق، قال: لا والله يا أمير المؤمنين، لقد خرجنا نحن وأنتم منه، وما كانت يدنا ويدكم إلا جميعا في الجاهلية والاسلام.
قال الزبير: وحدثني محمد بن حسن، عن إبراهيم بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهادي الليثي، أن محمد بن الحارث أخبره، قال: كان بين الحسين بن علي عليه السلام وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان كلام في مال كان بينهما بذي المروة، والوليد يومئذ أمير المدينة في أيام معاوية، فقال الحسين عليه السلام: أيستطيل الوليد علي بسلطانه!