هلك الناس، ودفنته السيول. ثم أري عبد المطلب في المنام أن احفر زمزم لا تثرب (1) ولا تذم، تروي الحجيج الأعظم. ثم أرى مرة أخرى أن احفر الرواء، أعطيتها على رغم الأعداء. ثم أري مرة أخرى، أن احفر تكتم، بين الأنصاب الحمر، في قرية النمل. فأصبح يحفر حيث أري. فطفقت قريش يستهزئون به، حتى إذا بدا عن الطي وجد فيها غزالا من ذهب، وحلية سيف، فضرب عليها بالسهام، فخرج سهم البيت، فكان أول حلي حلى به الكعبة.
قال الزبير: وكان حرب بن أمية بن عبد شمس نديم عبد المطلب، وكان عبيد بن الأبرص تربه، وبلغ عبيد مائة وعشرين سنة، وبقي عبد المطلب بعده عشرين سنه.
قال: وقال بعض أهل العلم: توفي عبد المطلب عن خمس وتسعين سنة، ويقال: كان يعرف في عبد المطلب نور النبوة، وهيبة الملك، وفيه يقول الشاعر:
إنني واللات والبيت الذي * لز بالهبرز عبد المطلب (2) قال الزبير: حدثني عمي مصعب بن عبد الله، قال: بينا عبد المطلب يطوف بالبيت بعد ما أسن وذهب بصره، إذ زحمه رجل، فقال: من هذا؟ فقيل: رجل من بنى بكر.
قال: فما منعه أن ينكب عني وقد رآني لا أستطيع لان أنكب عنه! فلما رأى بنيه قد توالوا عشرة قال: لا بد لي من العصا، فان اتخذتها طويلة شقت علي، وإن اتخذتها قصيرة قويت عليها، ولكن ينحدب لها ظهري، والحدبة ذل، فقال بنوه:
أو غير ذلك؟ يوافيك كل يوم منا رجل تتوكأ عليه فتطوف في حوائجك. قال: ولذلك قال الزبير: ومكارم عبد المطلب أكثر من أن يحاط بها، كان سيد قريش غير مدافع نفسا وأبا وبيتا وجمالا وبهاء وكمالا وفعالا، قال أحد بني كنانة يمدحه: