وأما أمية فلم يكن في نفسه هناك، وإنما رفعه أبوه، وكان مضعوفا، وكان صاحب عهار (1) يدل على ذلك قول نفيل بن عدي جد عمر بن الخطاب حين تنافر إليه حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم، فنفر عبد المطلب وتعجب من إقدام حرب عليه وقال له:
أبوك معاهر وأبوه عف * وذاد الفيل عن بلد حرام (2) وذلك أن أمية كان تعرض لامرأة من بني زهرة، فضربه رجل منهم بالسيف، فأراد بنو أمية ومن تبعهم إخراج زهرة من مكة، فقام دونهم قيس بن عدي السهمي - وكانوا أخواله، وكان منيع الجانب، شديد العارضة، حمي الأنفس، أبي النفس - فقام دونهم وصاح: " أصبح ليل "، فذهبت مثلا، ونادى: الان الظاعن مقيم. وفي هذه القصة يقول وهب بن عبد مناف بن زهره جد رسول الله صلى الله عليه وآله:
مهلا أمي فإن البغي مهلكة * لا يكسبنك يوم شره ذكر تبدو كواكبه والشمس طالعة * يصب في الكأس منه الصبر والمقر (3) قال أبو عثمان: وصنع أمية في الجاهلية شيئا لم يصنعه أحد من العرب، زوج ابنه أبا عمرو امرأته في حياته منه، فأولدها أبا معيط بن أبي عمرو بن أمية، والمقيتون في الاسلام هم الذين نكحوا نساء آبائهم بعد موتهم، فأما أن يتزوجها في حياة الأب ويبنى عليها وهو يراه، فإنه شئ لم يكن قط.
قال أبو عثمان: وقد أقر معاوية على نفسه ورهطه لبني هاشم حين قيل له: أيهما كان أسود في الجاهلية؟ أنتم أم بنو هاشم؟ فقال: كانوا أسود منا واحدا، وكنا