تزوج هاشم بها أنه قدم في تجارة له المدينة، فنزل على عمرو بن زيد، فجاءته سلمى بطعام فأعجبت هاشما، فخطبها إلى أبيها فأنكحه إياها، وشرط عليه أن تلد عند أهلها فبنى عليها بالمدينة، وأقام معها سنتين، ثم ارتحل بها إلى مكة، فحملت وأثقلت، فخرج بها إلى المدينة، فوضعها عند أهلها ومضى إلى الشام، فمات بغزة من وجهه ذلك، وولدت عبد المطلب، فسمته شيبة الحمد لشعرة بيضاء كانت في ذوائبه حين ولد، فمكث بالمدينة ست سنين أو ثمانيا. ثم إن رجلا من تهامة مر بالمدينة، فإذا غلمان ينتضلون، وغلام منهم يقول كلما أصاب: أنا ابن هاشم بن عبد مناف، سيد البطحاء، فقال له الرجل:
من أنت يا غلام؟ قال: أنا ابن هاشم بن عبد مناف، قال: ما اسمك؟ قال: شيبة الحمد، فانصرف الرجل حتى قدم مكة، فيجد المطلب بن عبد مناف جالسا في الحجر، فقال:
قم إلي يا أبا الحارث، فقام إليه، فقال: تعلم أني جئت الان من يثرب فوجدت بها غلمانا ينتضلون... وقص عليه ما رأى من عبد المطلب، وقال: إنه أضرب غلام رأيته قط، فقال له المطلب: أغفلته والله! أما إني لا أرجع إلى أهلي ومالي حتى آتيه، فخرج المطلب حتى أتى المدينة، فأتاها عشاء، ثم خرج براحلته حتى أتى بني عدي بن النجار فإذا الغلمان بين ظهراني المجلس فلما نظر إلى ابن أخيه قال للقوم: هذا ابن هاشم؟
قالوا: نعم، وعرفه القوم فقالوا: هذا ابن أخيك، فإن كنت تريد أخذه فالساعة، لا نعلم أمه، فإنها إن علمت حلنا بينك وبينه، فأناخ راحلته، ثم دعاه، فقال: يا بن أخي، أنا عمك، وقد أردت الذهاب بك إلى قومك، فاركب، قال فوالله ما كذب أن جلس على عجز الراحلة، وجلس المطلب على الراحلة، ثم بعثها فانطلقت، فلما علمت أمه قامت تدعو حزنها على ابنها، فأخبرت أنه عمه، وأنه ذهب به إلى قومه. قال: فانطلق به المطلب فدخل به مكة ضحوة، مردفه خلفه، والناس في أسواقهم ومجالسهم، فقاموا يرحبون به ويقولون: من هذا الغلام معك؟ فيقول: عبد لي ابتعته بيثرب ثم خرج به