في صحيفة يقرؤها قارئ ويطوي ما يقرأ فكلما ظهر سطر خفي سطر.
ثم أمره عليه السلام بأن يجمع بين حسن الظن بالله وبين الخوف منه، وهذا مقام جليل لا يصل إليه إلا كل ضامر مهزول، وقد تقدم كلامنا فيه. وقال علي بن الحسين عليه السلام: لو أنزل الله عز وجل كتابا أنه معذب رجلا واحدا لرجوت أن أكونه، وأنه راحم رجلا واحدا لرجوت أن أكونه، أو أنه معذبي لا محاله ما ازددت إلا اجتهادا لئلا أرجع إلى نفسي بلائمة.
ثم قال: " وليتك أعظم أجنادي "، يقال للأقاليم والأطراف: أجناد، تقول:
ولي جند الشام، وولي جند الأردن، وولى جند مصر.
قوله: " فأنت محقوق "، كقولك حقيق وجدير وخليق، قال الشاعر:
وإني لمحقوق بألا يطولني * نداه إذا طاولته بالقصائد وتنافح: تجالد، نافحت بالسيف أي خاصمت به.
قوله: " ولو لم يكن إلا ساعة من النهار "، المراد تأكيد الوصاة عليه أن يخالف على نفسه، وألا يتبع هواها، وأن يخاصم عن دينه، وأن ذلك لازم له، وواجب عليه، ويلزم أن يفعله دائما فإن لم يستطع فليفعله ولو ساعة من النهار، وينبغي أن يكون هذا التقييد مصروفا إلى المنافحة عن الدين، لان الخصام في الدين قد يمنعه عند مانع، فأما أمره إياه أن يخالف على نفسه فلا يجوز صرف التقييد إليه، لأنه يشعر بأنه مفسوح له أن يتبع هوى نفسه في بعض الحالات، وذلك غير جائز، بخلاف المخاصمة والنضال عن المعتقد.
قال: " ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه، فإن في الله خلفا من غيره، وليس من الله خلف في غيره "، أخذه الحسن البصري فقال لعمر بن هبيرة