فاحذروا نارا قعرها بعيد، وحرها شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة.
وإن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله، وأن يحسن ظنكم به، فأجمعوا بينهما، فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه، وإن أحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا لله.
واعلم يا محمد بن أبي بكر، إني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر، فأنت محقوق أن تخالف على نفسك، وأن تنافح عن دينك، ولو لم يكن لك إلا ساعة من الدهر، ولا تسخط الله برضا أحد من خلقه، فإن في الله خلفا من غيره، وليس من الله خلف في غيره.
صل الصلاة لوقتها المؤقت لها، ولا تعجل وقتها لفراغ، ولا تؤخرها عن وقتها لاشتغال، واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك.
* * * الشرح:
آس بينهم: اجعلهم أسوة، لا تفضل بعضهم على بعض في اللحظة والنظرة، ونبه بذلك على وجوب أن يجعلهم أسوة في جميع ما عدا ذلك، من العطاء والانعام والتقريب، كقوله تعالى: (فلا تقل لهما أف).
قوله: " حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم "، الضمير في " لهم " راجع إلى الرعية لا إلى العظماء، وقد كان سبق ذكرهم في أول الخطبة، أي إذا سلكت هذا المسلك لم يطمع العظماء في أن تحيف على الرعية وتظلمهم وتدفع أموالهم إليهم، فإن ولاة الجور