والسائلون هاهنا هم الرقاب المذكورون في الآية، وهم المكاتبون يتعذر عليهم أداء مال الكتابة، فيسألون الناس ليتخلصوا من ربقة الرق. وقيل: هم الأسارى يطلبون فكاك أنفسهم، وقيل: بل المراد بالرقاب في الآية الرقيق، يسأل أن يبتاعه الأغنياء فيعتقوه. والمدفوعون هاهنا هم الذين عناهم الله تعالى في الآية بقوله: ﴿وفي سبيل الله﴾ (1)، وهم فقراء الغزاة، سماهم مدفوعين لفقرهم. والمدفوع والمدفع: الفقير، لان كل أحد يكرهه ويدفعه عن نفسه. وقيل: هم الحجيج المنقطع بهم، سماهم مدفوعين لأنهم دفعوا عن إتمام حجهم، أو دفعوا عن العود إلى أهلهم.
فإن قلت: لم حملت كلام أمير المؤمنين عليه السلام على ما فسرته به؟
قلت: لأنه عليه السلام إنما أراد أن يذكر الأصناف المذكورة في الآية فترك ذكر المؤلفة قلوبهم لان سهمهم سقط بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله: فقد كان يدفع إليهم حين الاسلام ضعيف، وقد أعزه الله سبحانه، فاستغنى عن تأليف قلوب المشركين، وبقيت سبعة أصناف، وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل.
فأما العاملون عليها فقد ذكرهم عليه السلام في قوله: " وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا "، فبقيت ستة أصناف أتى عليه السلام بألفاظ القرآن في أربعة أصناف منها، وهي:
الفقراء، والمساكين، والغارم، وابن السبيل، وأبدل لفظتين وهما الرقاب وفى سبيل الله بلفظتين وهما السائلون والمدفوعون.
فإن قلت: ما يقوله الفقهاء في الصدقات؟ هل تصرف إلى الأصناف كلها أم يجوز صرفها إلى واحد منها؟