قال: وقالوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجابر، يا جابر، ألا أبشرك فقال: بلى، بأبي وأمي قال: فان الله أحيا أباك، ثم كلمه كلاما، فقال له تمن على ربك ما شئت فقال أتمنى أن أرجع فأقتل مع نبيك، ثم أحيا فاقتل مع نبيك، فقال إني قد قضيت أنهم لا يرجعون.
قال الواقدي: وكانت نسيبة بنت كعب أم عمارة بن غزية بن عمرو قد شهدت أحدا، وزوجها (1) غزية وابناها عمارة بن غزية وعبد الله بن زيد، وخرجت ومعها شن (2) لها في أول النهار تريد تسقى الجرحى، فقاتلت يومئذ وأبلت بلاء حسنا، فجرحت اثني عشر جرحا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، فكانت أم سعد بنت سعد بن الربيع تحدث، فتقول: دخلت عليها، فقالت لها يا خالة، حدثيني خبرك، فقالت خرجت أول النهار إلى أحد، وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصحابة والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون، انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أباشر القتال، وأذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، وأرمى بالقوس، حتى خلصت إلى الجراح، فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت يا أما عمارة، من أصابك بهذا قالت أقبل ابن قميئة، وقد ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه، فكنت فيهم، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان.
فقالت لها يدك ما أصابها قالت أصيبت يوم اليمامة، لما جعلت الاعراب تنهزم بالناس، نادت الأنصار: أخلصونا. فأخلصت الأنصار، فكنت معهم، حتى انتهينا إلى حديقة الموت، فاقتتلنا عليها ساعة، حتى قتل أبو دجانة على باب الحديقة، ودخلتها