حمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن جحش، فقال: إن كنت لأحذرك هذا الرجل - يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم - من قبل هذا المصرع، والله إن كنت لبرا بالوالد، شريف الخلق في حياتك، وإن مماتك لمع سراة أصحابك وأشرافهم، إن جزى الله هذا القتيل - يعنى حمزة - خيرا، أو جزى أحدا من أصحاب محمد خيرا، فليجزك ثم نادى يا معشر قريش، حنظلة لا يمثل به، وإن كان خالفني وخالفكم، فلم يأل لنفسه فيما يرى خيرا، فمثل بالناس وترك حنظلة فلم يمثل به.
وكانت هند بنت عتبة أول من مثل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرت النساء بالمثل، وبجدع الأنوف والاذان، فلم تبق امرأة إلا عليها معضدان (1) ومسكتان (2) وخدمتان (3) إلا حنظلة لم يمثل به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة)، قال أبو أسيد الساعدي: فذهبنا فنظرنا إليه، فإذا رأسه يقطر ماء، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأرسل إلى امرأته فسألها، فأخبرته إنه خرج وهو جنب.
قال الواقدي: وأقبل وهب بن قابوس المزني، ومعه ابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس بغنم لهما من جبل مزينة، فوجد المدينة خلوا، فسألا: أين الناس قالوا بأحد، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين من قريش، فقال: لا نبتغي أثرا بعد عين، فخرجا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم بأحد، فيجدان القوم يقتتلون، والدولة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأغارا مع المسلمين في النهب، وجاءت الخيل من ورائهم، خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل، فاختلط الناس، فقاتلا أشد القتال، فانفرقت فرقة من المشركين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لهذه الفرقة فقال وهب بن قابوس: أنا يا رسول الله، فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا، ثم رجع فانفرقت فرقة