مضى من آبائك، وكان ذلك رأيه مع رأيك، فأبى أن يقبله، وأطاع هؤلاء الغلمان الذين معه قال: فصادفوا من ابن أبي نفاقا وغشا، فبات رسول الله صلى الله عليه وآله بالشيخين، وبات ابن أبي في أصحابه، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من عرض من عرض، وغابت الشمس، فأذن بلال بالمغرب، فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه، ثم أذن بالعشاء، فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وآله نازل في بنى النجار، واستعمل على الحرس محمد بن مسلمة في خمسين رجلا يطيفون بالعسكر، حتى أدلج (1) رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان المشركون قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله حيث أدلج، ونزل بالشيخين، فجمعوا خيلهم وظهرهم، واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين، وباتت صاهلة خيلهم لا تهدأ، تدنو طلائعهم، حتى تلصق بالحرة، فلا تصعد فيها حتى ترجع خيلهم، ويهابون موضع الحرة، ومحمد بن مسلمة.
قال الواقدي: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين صلى العشاء: من يحفظنا الليلة فقال رجل: أنا يا رسول الله فقال: من أنت قال: ذكوان بن عبد القيس، فقال: إجلس، ثم قال ثانية: من رجل يحفظنا الليلة فقام رجل، فقال: من أنت قال: أبو سبع، قال: اجلس، ثم قال ثالثة مثل ذلك، فقام رجل، فقال: من أنت فقال: أنا ابن عبد قيس، فمكث رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة، ثم قال: قوموا ثلاثتكم، فقام ذكوان بن عبد قيس، فقال رسول الله: وأين صاحباك فقال ذكوان:
أنا الذي كنت أجيبك الليلة قال: فاذهب حفظك الله.
قلت: قد تقدم هذا الحديث بذاته في غزوة بدر، وظاهر الحال إنه مكرر،