فتركناهم ولا أموال لهم، فلا يختارونها أبدا، وإن أصحروا لنا فعددنا أكثر من عددهم، وسلاحنا أكثر من سلاحهم، ولنا خيل ولا خيل معهم، ونحن نقاتل على وتر عندهم ولا وتر لهم عندنا.
قال الواقدي: وكان أبو عامر الفاسق قد خرج في خمسين رجلا من الأوس، حتى قدم بهم مكة حين قدم النبي صلى الله عليه وآله يحرضها ويعلمها إنها على الحق وما جاء به محمد باطل، فسارت قريش إلى بدر، ولم يسر معها، فلما خرجت قريش إلى أحد سار معها، وكان يقول لقريش: إني لو قدمت على قومي لم يختلف عليكم منهم اثنان، وهؤلاء معي نفر منهم خمسون رجلا. فصدقوه بما قال، وطمعوا في نصره.
قال الواقدي: وخرج النساء معهن الدفوف يحرضن الرجال ويذكرنهم قتلى بدر في كل منزل، وجعلت قريش تنزل كل منهل، ينحرون ما نحروا من الجزر مما كانوا جمعوا من العين، ويتقوون به في مسيرهم، ويأكلون من أزوادهم مما جمعوا من الأموال.
قال الواقدي: وكانت قريش لما مرت بالأبواء، قالت إنكم قد خرجتم بالظعن معكم، ونحن نخاف على نسائنا، فتعالوا ننبش قبر أم محمد، فإن النساء عورة، فإن يصب من نسائكم أحدا قلتم هذه رمة أمك، فإن كان برا بأمه - كما يزعم - فلعمري لنفادينكم برمة أمه، وإن لم يظفر بأحد من نسائكم فلعمري ليفدين رمة أمه بمال كثير إن كان بها برا فاستشار أبو سفيان بن حرب أهل الرأي من قريش في ذلك، فقالوا: لا تذكر من هذا شيئا، فلو فعلنا نبشت بنو بكر وخزاعة موتانا.
قال الواقدي: وكانت قريش بذي الحليفة يوم الخميس صبيحة عشر من مخرجهم من مكة، وذلك لخمس ليال مضين من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة، فلما