شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٩٦
لا تحلين له). ثم بعث إلى تلك السرية الذين كانوا أصابوا مال أبى العاص، فقال لهم إن هذا الرجل منا بحيث علمتم، وقد أصبتم له مالا، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم، وأنتم أحق به فقالوا يا رسول الله، بل نرده عليه، فردوا عليه ماله ومتاعه، حتى أن الرجل كان يأتي بالحبل (1)، ويأتي الاخر بالشنة (2)، ويأتي الاخر بالإداوة (3)، والاخر بالشظاظ (4)، حتى ردوا ماله ومتاعه بأسره من عند آخره ولم يفقد منه شيئا ثم أحتمل إلى مكة، فلما قدمها أدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه بشئ، حتى إذا فرغ من ذلك، قال لهم:
يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا، لقد وجدناك وفيا كريما، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله، والله ما منعني من الاسلام إلا تخوف أن تظنوا إني أردت أن آكل أموالكم، وأذهب بها فإذ سلمها الله لكم، وأداها إليكم، فإني أشهدكم إني قد أسلمت واتبعت دين محمد ثم خرج سريعا حتى قدم على رسول الله المدينة (5).
قال محمد بن إسحاق: فحدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله رد زينب بعد ست سنين على أبى العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئا (6).
قال الواقدي: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من أمر الأسارى، وفرق الله عز وجل ببدر بين الكفر والايمان، أذل رقاب المشركين والمنافقين واليهود، ولم يبق بالمدينة يهودي ولا منافق الا خضعت عنقه.

(1) ابن هشام: (بالدلو).
(2) الشنة: السقاء البالي.
(3) الإدواة: المطهرة التي يتوضأ بها.
(4) الشظاظ: عود يشد به فم الغرارة.
(5) سيرة ابن هشام 2: 303، 304.
(6) سيرة ابن هشام 2: 304.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213