لا تحلين له). ثم بعث إلى تلك السرية الذين كانوا أصابوا مال أبى العاص، فقال لهم إن هذا الرجل منا بحيث علمتم، وقد أصبتم له مالا، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم، وأنتم أحق به فقالوا يا رسول الله، بل نرده عليه، فردوا عليه ماله ومتاعه، حتى أن الرجل كان يأتي بالحبل (1)، ويأتي الاخر بالشنة (2)، ويأتي الاخر بالإداوة (3)، والاخر بالشظاظ (4)، حتى ردوا ماله ومتاعه بأسره من عند آخره ولم يفقد منه شيئا ثم أحتمل إلى مكة، فلما قدمها أدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه بشئ، حتى إذا فرغ من ذلك، قال لهم:
يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا، لقد وجدناك وفيا كريما، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله، والله ما منعني من الاسلام إلا تخوف أن تظنوا إني أردت أن آكل أموالكم، وأذهب بها فإذ سلمها الله لكم، وأداها إليكم، فإني أشهدكم إني قد أسلمت واتبعت دين محمد ثم خرج سريعا حتى قدم على رسول الله المدينة (5).
قال محمد بن إسحاق: فحدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله رد زينب بعد ست سنين على أبى العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئا (6).
قال الواقدي: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من أمر الأسارى، وفرق الله عز وجل ببدر بين الكفر والايمان، أذل رقاب المشركين والمنافقين واليهود، ولم يبق بالمدينة يهودي ولا منافق الا خضعت عنقه.