شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٩٤
أبي هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية أنا فيها إلى عير لقريش، فيها متاع لهم وناس منهم، فقال: إن ظفرتم بهبار بن الأسود ونافع بن عبد قيس، فحرقوهما بالنار، حتى إذا كان الغد بعث فقال لنا: (إني كنت قد أمرتكم بتحريق الرجلين إن أخذتموهما، ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله تعالى، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما ولا تحرقوهما) (1).
قلت: لقائل من المجبرة أن يقول أليس هذا نسخ الشئ قبل تقضى (2) وقت فعله، وأهل العدل لا يجيزون ذلك وهذا السؤال مشكل، ولا جواب عنه إلا بدفع الخبر إما بتضعيف أحد من رواته، أو إبطال الاحتجاج به لكونه خبر واحد، أو بوجه آخر، وهو أن نجيز للنبي الاجتهاد في الأحكام الشرعية كما يذهب إليه كثير من شيوخنا، وهو مذهب القاضي أبى يوسف صاحب أبي حنيفة، ومثل هذا الخبر حديث براءة وإنفاذها مع أبي بكر، وبعث علي عليه السلام، فأخذها منه في الطريق، وقرأها على أهل مكة بعد أن كان أبو بكر هو المأمور بقراءتها عليهم.
فإما البلاذري فإنه روى أن هبار بن الأسود كان ممن عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حين حملت من مكة إلى المدينة، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمر سراياه إن ظفروا به أن يحرقوه بالنار، ثم قال (3): لا يعذب بالنار إلا رب النار، و أمرهم إن ظفروا به أن يقطعوا يديه ورجليه ويقتلوه، فلم يظفروا به، حتى إذا كان يوم الفتح هرب هبار، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة - ويقال أتاه بالجعرانة - حين فرغ من أمر حنين، فمثل بين يديه، وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله، فقبل اسلامه وأمر ألا يعرض له، وخرجت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) سيرة ابن هشام 2: 302.
(2) ا (مضى).
(3) ساقطة من ب.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213