على قتلاها شهرا، ولم تبق دار بمكة إلا فيها النوح - وجز النساء شعورهن، وكان يؤتى براحلة الرجل منهم أو بفرسه، فتوقف بين أظهرهم، فينوحون حولها، وخرجن إلى السكك، و ضربن الستور في الأزقة، [وقطعن] (1) فخرجن إليها ينحن، وصدق أهل مكة رؤيا عاتكة وجهيم بن الصلت (2).
قال الواقدي: وكان الذين قدموا من قريش في فداء الأسرى أربعة عشر رجلا، وقيل خمسة عشر رجلا، وكان أول من قدم المطلب بن أبي وداعة، ثم قدم الباقون بعده بثلاث ليال.
قال: فحدثني إسحاق بن يحيى، قال: سألت نافع بن جبير كيف كان الفداء قال: أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى الف، إلا قوما لا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال الواقدي: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في أبى وداعة، أن له بمكة ابنا كيسا له مال، وهو مغل فداءه، فلما قدم افتداه بأربعة آلاف، وكان أول أسير افتدى، وذلك أن قريشا قالت لابنه المطلب بن أبي وداعة - ورأته يتجهز، يخرج إليه - لا تعجل، فإنا نخاف أن تفسد علينا في أسارانا، ويرى محمد تهالكنا فيغلي علينا الفدية، فإن كنت تجد فإن كل قومك لا يجدون من السعة ما تجد. فقال لا أخرج حتى تخرجوا، فخادعهم حتى إذا غفلوا خرج من الليل على راحلته، فسار أربعة ليال إلى المدينة فافتدى أباه بأربعة آلاف، فلامه قريش في ذلك، فقال: ما كنت لأترك أبى أسيرا في أيدي القوم وأنتم مضطجعون، فقال أبو سفيان بن حرب: إن هذا غلام حدث يعجب بنفسه وبرأيه، وهو مفسد عليكم، إني والله غير مفتد عمرو بن أبي سفيان، ولو مكث سنة